تبدأ سيرته مع ابتداء ظهور اسم الجلاهمة في الزبارة في قطر أولاً ثم في خور حسان (حاليا منطقة الخوير) في شمالي غرب قطر وكانت تربطه علاقة حلف مع قبيلة المناصير وقد حدثنا الشاعر والراوي/ علي بن محمد بن احمد بن حيي المالكي عن هذا الحلف حيث أضاف ان الجلاهمة و بالتعاون مع محمد بن حيي بن عبدالله المالكي المنصوري  قاموا بتشييد قلعة زكريت وذلك في العقد الأول من القرن الثامن عشر ميلادي تقريبا حيث لا تزال حدود اطلال هذه القلعة واضحة حتى الأن ، وكان يقيم في هذه القلعة ومن معه وفي احد الأيام وصل نبأ قدوم قوة عسكرية تتبع للأسطول الأنجليزي تستهدف تدمير القلعه وقتل من بها انتقاما من الجلاهمة الذي استولى على سفينة تجارية انجليزية محملة بالخيول متجهه الى الهند ،  وكان وقتها بن حيي مقيم في القلعة مع عدد من افراد أبناء عمومتة ويتعذر عليهم رد العدوان لقلة عددهم  فترنم بهذه الأبيات يشكي الحال لعدم علم أبناء عمومته المناصير ورحيلهم قبل ايام حيث وصلو الى بينونة وهي منطقة تقع قرب شرق ابوظبي.

حيث قال محمد بن حيي بن عبدالله  في قصيدته:

نازل مابين نيبان الفعايا
نازل في منزل ماهوب زيني
البحر سدت دروبه ما تهايا
والبدو قدهم ورا البينونتيني
ونصر بن سيار زارته المنايا
والخطر في قصر زكريت يعنيني
حربهم شبوه غادين القدايا
واشتعل والصبر بذ المستحيني
فزعتك يابوبشر راعي الحمايا
فزعتن بالجاه والا باليديني
خايف ان سعود يخلفك النوايا
وشيخ مسكت لا يجيك ولا يجيني

قلعة زكريت
قلعة زكريت

 

رحمة بن جابر الجلاهمة صورة نادرة رسمت  من قبل ضابط إنجليزي عام 1819
رحمة بن جابر الجلاهمة صورة نادرة رسمت من قبل ضابط إنجليزي عام 1819

 

 

نبذه عن رحمة بن جابر الجلاهمة

كان ارحمه أحد أبناء لشيخ الجلاهمة جابر بن عذبي وكان ارحمه أصغرهم سنا ً وقد آلت إليه رئاسة الجلاهمة بعد وفاة أخيه الأكبر في جزيرة دارين قبالة القطيف.

تشير المصادر أن الكويت هي المكان الذي ولد فيه ارحمه والواقع أن استقراء لما ورد في سجلات الهند الشرقية على لسان رجالها في الخليج يشير إلى أن عمر رحمه كان حوالي السبعين عاما عند وفاته عام 1826م ومن هذا يتضح أنه قد ولد حوالي عام 1760م.

قوى ارحمه البحرية والبشرية

إن قوى ارحمه البرية والبحرية التي كان يسيطر عليها ليس من السهل تقديرها على وجه الدقة. غير أن نظرة فيما سجله بعض الرحالة وكذلك تقارير رجال شركة الهند الشرقية ، تكشف لنا الشيء الكثير الواضح عن قوة ارحمه .

ويذكر بكنجهام نبذة عن هذه القوى، كما شاهدها في مياه بوشهر عام 1816 حين قام ارحمه بزيارة للمنطقة ولمدينة الحليلة القريبة منها على وجه التحديد يقول بكنجهام :

” بقوة قوامها من خمسة إلى ستة مراكب معظمها كبير الحجم وتقاد بواسطة طاقم مكون من حوالي ثلاثة مائة رجل. أبحر هذا الرجل في كل الأنحاء وأمسك بكل ما أمكنه كغنائم له. سفن القرين والبصرة والبحرين ومسقط وحتى من بوشهر… كلهم كانوا فرائس له متساوين عنده ، أتباعه كانوا قريبين من حوالي ألفي رجل. كان معظم هؤلاء الناس من العبيد المشترين من أفريقيا والباقي كانوا تحت سلطته بنفس الطريقة.

أما المستر بروس المقيم الإنجليزي في بوشهر فقد قدّر عدد أتباعه الذين نزلوا معه الحليلة بالقرب من بوشهر عام 1816 بنحو خمسمائة أسرة يقول في تقريره “أن الزعيم والقرصان المشهور ارحمه بن جابر مع كل مراكبه وقبيلته والتي تتكون من 500 عائلة وصلت إلى بوشهر والحاكم الشيخ محمد استقبلهم ومنحهم جزء من المدينة ليعيشوا فيها شريطة أن يكونوا أصدقاء لأصدقائه وأعداء لأعدائه وكان ارحمه يمتلك بغلتين كبيرتين- الغطروشة والمنور- و بتيل كبير، وعدد من البغلات الصغيرة. وواضح من وصف بروس لسفن ارحمه أنه أكثر دقة من بكنجهام”.

أعماله الحربية

عندما جردت بريطانيا حملتها ضد القواسم 1809م لم تجرأ على مهاجمة خور حسن معقل الشيخ ارحمه رغم أن الإنجليز كانوا يعتبرونه واحدا من القواسم بل أخطرهم كما جاء على لسان الضابط الإنجليزي صمويل ريتشارد يقول : ” إن ارحمه نفسه من أصل وهابي ومن أتباع الوهابيين، ومن ثم فليس ثمة تعارض بين الشيخ ارحمه وبين القواسم بل ربما كان ارحمه أكثرهم تطرفا ً وبالتالي فإن ارحمه يقف في الصف المعادي لبريطانيا، وهذه الاعتبارات إلى جانب متطلبات العدالة إنما تفرض على الحكومة البريطانية أن تضع حدا لنشاط هذا الرجل وألا ّ تقف موقف اللامبالاة والتخاذل على سبيل مجاملة الأمير سعود بن عبدالعزيزآل سعود “.

في عام 1811م قام الشيخ ارحمه بن جابر وحلفاؤه القواسم بالهجوم على البحرين ولكنه لم يوفق في احتلالها نتيجة تدخل السفن البريطانية.

وفي عام 1811م قام الشيخ ارحمه بالاستيلاء على سفينة تجارية محملة بالخيول وتابعة لشركة الهند الشرقية ” البريطانية ” ولم تفلح احتجاجات المقيم البريطاني عليه.

” وقد كتب المستر بروس 1816م يقول” ان ارحمه سوف يسيطر على الخليج لا محاله إذا لم يوقف عند حده “.

وفي عام 1818م تقدم ارحمه للقطيف ونزل فيها وقصف البلدة بمدافعه وسار إلى الدمام حيث بنى فيها قلعة الدمام ليقيم  فيها  وقد رأى الشيخ ارحمه أنه يجب الاستيلاء على البحرين كخطوة أولى في سبيل ضرب الاسطول البريطاني ولكن المقيم البريطاني في بو شهر هدد بتحطيم سفن ارحمه إذا لم يوقف الاعتداء على أصدقاء بريطانيا في البحرين. وفي عام 1820م طلب المقيم العام البريطاني من الشيخ ارحمه التوقيع على الاتفاقية العامة والتي وقع عليها مشايخ الخليج ولكنه رفض رفضا باتا ومثل بذلك تمردا عربيا على سياسة بريطانيا التوسعية في الخليج.

عندما غادر الاسطول البريطاني جزيرة قشم عام 1823م رأى الشيخ ارحمه أن باب العمل أمامه أصبح مفتوحا على مصراعيه لتوحيد الخليج تحت قيادته ولكن القيادة البريطانية فطنت لمخططه فاحتفظت بالاسطول قرب جزر البحرين. وقد استطاع الشيخ ارحمه ضرب كثير من السفن البريطانية التي كانت تسير منفردة مما أزعج البريطانيين. كان لصراع الشيخ ارحمه الطويل والمعارك التي خاضها ضد خصومه الكثر دور كبير في تناقص اعداد قبيلته الجلاهمه. والتي كانت تقدر بخمسمائة اسرة آنذاك حسب تقدير التقارير البريطانية.

في احدى زيارات ارحمه لميناء بو شهر تمكن ضابط بريطاني هناك من رسمه، وتعد هذه اللوحة حتى الآن أقدم رسم لرجل عربي في المنطقة.

وفي وفاته يقول ابن بشر في عنوان المجد في تاريخ نجد ما نصه

” ثم دخلت سنة 1242هـ..وفي جمادى الأول منها توفي الشجاع المقاتل في البحر ارحمه بن جابربن عذبي رئيس الجلاهمة من بني عتبة أهل البحرين وأهل الكويت وكان نادرة وقته بأسا وشجاعة … – ثم قال – فلما نفذ القدر في آل سعود بالتفرق والجلا نزل الدمام وأقام مدة مصالحا لأهل القطيف والبحرين ثم وقع بينه وبين آل حميد رؤساء الاحساء والقطيف محاربات في القطيف فصالحوه على شيء يدفعونه اليه من المال ثم انتقض الصلح بينهم وقام في حرب البحر كله من أهل البحرين والقطيف وبني خالد وغيرهم فاجتمعة جنود عظيمة لحربه مع ماجد بن عريعر في البر ومعهم عبد الله بن خليفة بجنوده من أهل البحرين وفي البحر سفن من أهل البحرين مع أحمد بن سلمان بن خليفة ومعه جنود كثيرة ثم ان ارحمه ركب في سفينته – الغطروشة – وخلف – ابنه بشر – في قصر الدمام في محاربة أهل البر فأتفق أن أحمد بن سلمان سار إلى سفينة ارحمه فوجده فيها فحصل بينهم قتال شديد يشيب من هوله الوليد قتل فيه خلق كثير حتى صبت ميازيب السفينتين بالدم ويذكر أن ارحمه كان قد فقد بصره في أخر عمره وكان قد تقدم به العمر فكان ينادى أحد أبناءه فقال له عبده المسمى طرّا ر – وهو من أسماء السيف – أن ابنه فقد فقال الشيخ ارحمه لعبده باثا فيه روح الحماسة ومذكرا له بهذا البيت الذي قاله فيه من قبل من قصيدة طويلة للشيخ ارحمه : عندي خلف شامس من آلاد حامِ عبدٍ على لازم عمامه يحامي يقلط على الجاسي وجا الموت حامي بمصقل الهندي عطيب الضريبة ، وعندما ايقن من هزيمته امسك بالسراج مشتعلا (مصباخ يشعل بواسطة الزيت) وجلس فوق براميل البارود وقال لخادمة اخبرني ماترى واخبرني عندما تتطابق السفن وينزل محاربوهم في سفينتنا ، وعندما حصل ذلك وامتلائة سفينتة باعدائة قال ” بيدي لا بيد عمر ” وقام بكسر السراج فوق الباردو وانفجرت السفينة بمن فيها ، وهنا كان يوم ممات إرحمة.

وقام بالأمر من بعده ابنه الشيخ بشر بن ارحمه الذي كان له دور بارز في الأحداث التي جرت على سواحل الخليج العربي في القرن الماضي حتى وفاته في إحدى المعارك.

وقد رثاه الشعراء بقصائد لا تزال محفوظة منهم العالم محمد بن سلطان القطيفي  والشاعر علي بن محين الشامسي وذلك في قصيدته التي منها قوله في مطلعها :

يا غارة الله من تحاديث الازمان           كـم فـرقـت الايام ما بيـن خـلان

ومنها :     ضاقت عليّة عقب موت ابن جابر         حتى لفاني خط بن صقر سلطان

وله في وفاته قال

يا رحمة ً وضعت لكنــها رفعـــت

راضٍ بما قدر المولى ومـــا حكـم ِ

إنا إلى الله وانا راجعـــون لـــــــــه

نبنا إليه وألقينا لـــه الســــــــــــــلم ِ

فوضت أمري للذي رفع السما سقفا

وزينها بمصابيح لــــها رجــــــــــم ِ

3 thoughts on “الشيخ/إرحمة بن جابر الجلاهمة وعلاقته مع المناصير”

  1. للتصحيح اخي الغالي. الشاعر علي بن محين الشامسي وليس النعيمي

  2. بخصوص محمد بن حيي المالكي المنصوري المذكور بمقالة جابر بن ارحمه الجلاهمه ، هل له أبن أسمه خالد?

التعليقات مغلقة.