تحدث كتاب (روايات غريبة عن رحلات في شبه الجزيره العربية) لمؤلفه عبدالعزيز عبدالغني عن رحلة احد الرحالة المستشرقين وهو بالجريف الذي زار سواحل شبه الجزيره العربية سنة 1863 م عن لقائة بالشيخ جاسم مؤسس دولة قطر وهو لازال في سن 17 سنه تقريبا حيث جلس وتحدث معه  ، وكان برفقة الشيخ جاسم احد افراد قبيلة المناصير واخر من قبيلة المرة حيث سمر لديهم بالجريف وتحدثوا له بقصة ضياعهما في صحراء الربع الخالي سويا ، وسوف نسرد لكم هذه القصه كما وردت  وهي قصه ممتعة جديرة بالقراءة نستنتج منها جزء من الحياة اليومية للشيخ جاسم والقنص في تلك الفترة وكذلك نستخلص علاقة صداقة تجمع بين المنصوري والمري في تلك الحقبة.

في سنة 1863 م  ذهب بالجريف مع مرافقة ابن خميس الذي يعلوا حس الربح لدية على حس المتعة الى لقاء جاسم بن محمد الثاني ، وهو يحمل بناء على اقتراح من مرافقه زنابيل من التمر هدية لذلك النبيل ، وكان جاسم يخيم على مسافة تتراوح بين اثنى عشر الى اربعة عشر ميلا الى الجنوب الغربي  من البدع  (1) في رحله صيد بالصقور ، وركب الرجلان بعيرين قطعا بهما ارضا صحراويه مرتفعة  وعبرا بهما طريقا حصويا ، و صادفا ركباهما جماعة من النساء وهن يجلبان الماء من الأبار التي تقع على مسافات بعيده ، وقطعانا من الخراف او ربما من الماعز ، حيث اختلطة على بالجريف السلاله في النسل لهذه الحيوانات الغير مألوفه لديه ، كانت تلك البهائم ترعى في حراسة قوية من عدد من الرعاه ، وظل ركبهما الذي واجهته ريح قوية هبت من اتجاه الشمال ، يلتقي بين الفينة والأخرى مسافر يحمل حربته على كتفه يتقي بها مخاطر البدو الذين يسكنون الحدود ، ويلاحظ بالجريف خلو المنطقة من اي غطاء نباتي باستثناء بعض الأعشاب التي تنمو متفرقة هنا وهناك ، واخيرا وصل الرجلان الى مخيم الشيخ جاسم في وادي معشوب وسط امواج من الرمال تكون كثبان متتابعه في تيه خلاء لا تكاد تسمع فيه غير عواء الريح ، اقام الشيخ الصغير في هذا المخيم الذي رحل اليه مع مجموعه من رجاله لقنص الحبارى والسمان ، ولكنها لم يظفروا من صيدهم لهذه الطيور الى بقليل ، كما كانو ايظا يصطادون نوعا من الأرانب البرية او طرائد شبيهه بها تشابه الأرنب البري المهجن بالأرنب المنزلي ، ويلاحظ بالجريف وجود هذه السلاله باعداد وافره داخل شبه الجزيره العربية.

كان برفقة جاسم نحو عشرين خيلا وصقور ، لديهم حوالي ستة صقور وكلبان سلوقيان ، وكانت تلك وسائل صيد كافية ولم تكن لديهم اي بندقية ، قضى بالجريف وصاحبه خميس في رفقة سموه نصف يوم استمتعا فيه بأكل خبز عربي زاده لحم الصيد متعة، وأحال بالجريف القارئ الغربي الى كتاب يراه وافيا بأعطاء فكرة هوية القنص في الشرق ، وقابل بالجريف في مخيم جاسم بدويين  منصوري و مري ، عرف منهما انهما اجتازا الصحراء الكبرى ( الربع الخالي ) الى اليمن ما أورثهما حتى في اوساط قومهما السمعه بأنهما اسدان وقد ادعى الرجلان انهما لم يخططا للقيام بتلك الرحلة فقد كانا يقصدان الأحقاف التي تتكون أرضها من سلسله من التلال الجيرية التي تتخللها أودية معشوبه ، وتقع الى جنوب اليمامة – وهي المعروفه في الخرائط بأسم وادي يبرين لتسوية بعض شؤن القبيلة في ما يخص مسائل تتعلق بالإبل ولكنهما ضلا الطريق فقد توغلا الى الجنوب كثيرا وراح الرجلان يتنقلان من كثيب الى اخر ومن وادي الى اخر يسوقهما حظهما الحسن الى موقع بئر مرة المياه يملآن منها القرب ويعثران احيانا على شجرة نخيل قزمية فتمدهما بشئ لم يكن يستعصي تماما على الأكل ، وظلا على تلك الحالة حوالي شهرين بتقدير حسابهما وعيونهما معلقة أبدا باتجاه الجنوب بلغا مأرب على حدود اليمن ، وسلك الرجلان في طريق العوده الى قطر سبلاٌ اخرى أوفر أمنا أطول مسافه فقد انطلقا عبر اراضي حضرموت الآهلة بالسكان نسبيا متخذين طريق الساحل حتى انتهي إلى عمان ،ويعرض بالجريف معلومات تاريخية عن حمير وعلاقة اليمن بالساحل الأفريقي وبفارس، وينتهي بالجريف الى انه رفض الدعوه التي قدمها الية ذلك المنصوري بأن يصحبة في رحلة الى ظفار فحضرموت معتذرا بما وجده من الرهق الذي لقيعه في الصحراء حين اجتازا الدهناء والنفود ويرى بالجريف انه يمكن ان يفكر مستقبلا في مثل هذه الأمر.(2)

 

  1. في تقديرنا ان المنطقه المقصوده قرب ابونخله
  2. كتاب روايات غريبة عن رحلات في شبه الجزيره العربية/ قسم رحلة بالجريف ص 207