عيسى بن سلام المطيوعي المنصوري

 

نروي معكم احد القصص التي وردت للموقع لموضوع اشتهر حدوثه  كثيراً في شبه الجزيرة العربية  منذ عهود قديمة ابان ظهور الاسلام وحتى اواخر سنة 1950 ، وقصتنا هذه حدثت للمرحوم عيسى بن سلام المطيوعي المنصوري صاحب الصوره في الاعلى  اثناء عبورة سبخة مطي متجها من الظفره الى قطر حيث صادف اثناء مروره شخص (سندي) قارب على الهلاك وحيدا في الصحراء و كلمة (سندي ) تطلق على ابناء شعوب منطقة السند الواقعه بين الهند و باكستان وسوف نتحدث لاحقا عن هذه المنطقه لمزيد من التوضيح  ، فقد كان ياتي الحجيج من تلك المناطق متجهين  الى مكه حيث تبدأ رحلتهم من مناطق قراهم سواء في الجبال او الغابات متجهين مشيا على الأقدام الى الميناء البحري الاقرب لهم ثم تبدأ المرحله الثانية من رحلتهم عبر السفن البحرية لعدة ايام حتى يبلغوا هدفهم في احد موانئ ساحل الخليج  ثم تبدأ المرحلة الثالثه من رحلتهم مشيا على الاقدام يقطعون خلالها مايقرب 1200 كيلو متر وصولا الى مكه ، وقد تمتد رحلتهم هذه الى اربعة اشهر منذ خروجهم حتى وصولهم مكه  ، وعند نزولهم على ساحل الخليج العربي تبدأ معهم اصعب مرحلة في هذه الرحله خلال عبورهم صحراء الجزيره  المليئة بالمخاطر ، وكان كثيرا منهم يلقى حتفه قبل بلوغ هدفه وسبب ذلك عدم معرفتهم بالطرق السالكه و غالبا لايرافقهم مرشد يدلهم على الطريق الصحيح فيهيمون على وجوههم في الصحراء وكثيرا منهم يهلك من العطش والتعب .

وتروي قصتنا هذه نقلا عن مبارك بن سلام المنصوري وهو قريب عيسى رحمه الله  حيث  حدثه  بالقصه قائلا (( ذات يوم في سنة 1955 كنت راكب على رحولي وحيدا متجها من الظفرة إلى أهلي في قطر .واثناء عبوري سبخة مطي الواقعة  في منتصف الطريق وهي عبارة عن سبخة قاحلة لا يعبرها الا المتمرس على هذا الطريق حيث لايوجد بها شجر ولا ماء وهي خاوية من السكان واثناء سيري  شاهدت رجل قرب شجرة صغيرة  ( شمعه) واقفا وهو يلوح لي بيده  وعندما اقتربت منه تيقنت انه (سندي) تائه ونفذ منه الماء حيث لم يكن لديه رحول ولا يوجد معه سوى صرة صغيره اعتقد انها تحتوي على ماتبقى له من زاد وبعض الملابس وعلى الفور قمت بفك  صميل الماء (قربة كبيرة يوضع بها ماء الشرب) كانت محملة على رحولي وكان يوجد لدي بعض الزاد من التمر والقمح فلما اقتربت منه لاحظت عليه آثار العطش والإرهاق وعلى الفور سكبت له الماء في وعاء فشرب حتى ارتوى ثم أخذت قربته لأملئها له بالماء . فبينما كنت جالسا على ركبتي احاول ملئ قربته  تفاجأت به ممسكا  برقبتي بشدة من الخلف  فهممت قائما بصعوبه ودفعته بقوه فوقع السندي على ظهره  فسقط الصميل مني فاذ بالماء يتدفق على الارض ، ثم نهض مرة اخرى وتشابكت معه بالأيدي واستمرينا في عراك لاغالب ولامغلوب حتى اعانني الله عليه بعد ان جثمت على صدره بثقل وزني و وضعت ركبتي على ذراعيه ولم يستطيع الحركة ضاغطا بيدي الأثنتين على نحره حتى استسلم ويكاد ان يكون قد اغمى عليه ، وعندها اختلطت لدي المشاعر فهل  ارثي لحاله ام اقتله على ما بدر منه فبينما كنت اقدم له المساعده كان يهم بقتلي ، الى انني اخترت ان اتركة على حاله وركبت رحولي والله اعلم ماذا كان مصيره بعدها ، وانا في تقديري ان سبب هجومه لي هو بهدف ان يسرق رحولي ليمتطيها الى وجهته ولو حدث ذلك فعلا لهلكت انا في هذه السبخه الجرداء .

ركبت رحولي وهو لازال مستلقيا بعد أن حمدت الله الذي نصرني وانجاني من هذا المجرم او المجنون ، وواصلت سيري رغم عدم وجود ماء معي الا انني اكنت متكلا على الله حتى بلغت بئر ماء عذب قريب من منطقة السلع وشربت وملئت الصميل ثم اكملت مسيرى حتى وصلت الى اهلي في قطر سالما.))

نعتقد ان ماحدث في هذه القصه يؤكد على ماتردد لدى الكثيرين من اباء القبيله حيث كانو يصادفون من شعوب السند الكثير منهم وهم يقطعون الصحراء بعضهم جاء للحج والبعض الأخر ضاقت به سبل العيش في بلده فقرر ان يهاجر ويعمل  في مكة بما يجده من فرص هناك ، وكثيرا ما تتردد التحذيرات عند بعض سكان الصحراء الوقعه على خط سيرهم  توخي الحذر منهم بسبب وقوع حوادث سلب وسرق منهم ، وكان الأباء يحذرون صغارهم بعدم الاقتراب منهم اثناء مرورهم واذا تطلب الأمر مساعدتهم وانقاذهم  فلا يتردد السكان من مساعدتهم بشئ من الحذر .

at-058-01

 

ما هي بلاد السند ؟

انقسمت شبه القارة الهندية في القديم إلى قسمين جغرافيين كبيرين، هما: بلاد السند والبنجاب وبلاد الهند. وبلاد السند هي البلاد المحيطة بنهر السند “Indus”، الذي ينبع من عيون في أعالي السند وجبالها من أرض كشمير، ويصب في بحر السند “المحيط الهندي”. وتمتد هذه البلاد غربا من إيران، إلى جبال “الهمالايا” في الشمال الشرقي، تاركة شبه القارة الهندي في جنوبها. وتكون -الآن- جزءا كبيرا من دولة باكستان الحالية.

ومن مدن السند: مدينة “الديبل” “مكان كراتشي الحالية”، “قندابيل”، و”قيقان”، و”لاهور”، و”قصدار”، و”الميد”، و”الملتان” المجاورة للهند، وتقع على أعلى رافد من روافد نهر مهران.

 

يروي هذه القصه السيد/ مبارك بن على بن سلام المنصوري نقلا عن خاله صاحب القصه المرحوم  /عيسى بن سلام المطيوعي المنصوري